معانات الصحراويين ...في ظل إختلاف الكبار.

إعداد : ميشان سيدي سالم أعلاتي

 

*- أيام صدور القرار:

ساد مخيمات اللاجئين الصحراويين الواقعة جنوب مدينة تندوف الجزائرية منذ عدة أيام حالة من الاستنفار ميزتها الحيرة والقلق والترقب - حالة السيبانس - , فلا تكاد تمر من جانب  مجلس إداري أو خيمة أوتجمع على حافة الشارع  دون ان يلفت إنتباهك النقاش الحاد الدائر بين هاته المجموعة أو تلك , وتصب مجمل هذه النقاشات حول المصير المرتقب للقرار الاممي والذي يتكرر دائما

لكن  ماجد على الساحة هو الاختلاف الذي بدا واضحا بين عدة دول كبرى داخل مجلس الآمن  لاسيما بعد تعدد المبادرات من الطرفين

- الصحراوي والمغربي -  مما دفع الهيئة الاممية لتاجيل الجلسة الخاصة بمناقشة ملف الصحراء الغربية من يوم الجمعة27/04/2007 إلى الأثنين 30/04/2007 وقد إنقسمت هذه الدول إلى مؤيدة ورافضة للمقترح المغربي ومن الدول المؤيدة للمقترح المغربي نجد كلن من : أمريكا وفرنسا إلى جانب إسبانيا وفي الطرف الاخر الذي يصرعلى تطبيق مبدأ تقرير المصير نجد : المملكة البريطانية وروسيا وجنوب إفريقيا

وفي هذا الاطار تقول الآنسة الهالة لغزال- مدرسة بمعهد تكوبن النساء الصحراويات بمخيمات اللاجئين-  :

(( لقد كنا نتابع مجريات وقائع جلسات مجلس الامن خطوة بخطوة , وذلك إنطلاقا من خوفنا العميق بأن يخرج علينا المجلس بقرار غير مألوف لاسيما بعد أن تبنت دول كبرى ( كإسبانيا , وفرنسا ) مقترح المملكة المغربية والذي نرفده كليتا)) .

وفي نفس الاطار يقول ابراهيم شداد - موظف بالقطاع العمومي - :

((لقد إنتابني الكثير من الخوف والقلق عندما سمعت عبر الفضائيات خبر تأجيل إصدار قرار مجلس الامن الخاص بالصحراء الغربية من يوم الجمعة إلى الاثنين بسب وجود خلافات بين اعضاء المجلس في ما يخص الصيغة النهائية للقرار وما فاجئني أكثر هو إصرار امريكا وفرنسا على إدراج مبادرة المغرب " الحكم الذاتي " كأرضية للمفاوضات وتجاهل مبادرة البوليساريو المبنية على الشرعية الدولية )).

وبالرغم من إختلاف وجهات النظر حول مدى تبني مجلس الامن للمقترح المغربي الذي يرفضه الكثير من الصحراويين إلا أنهم إتفقوا على شيئ واحد وهو ان مجلس الامن لابد ان يضمن قراره

تمديد لمهمة بعثة " المينورسو" وذلك لأن الشعب الصحراوي قد تعود التمديد والتأجيل مرار وعلى مدى 16 سنة منذ بداية تطبيق مخطط السلام الاممي في الصحراء الغربية .

أيام بعد صدور القرار :

إستقبل الشعب الصحراوي القرار الأخير للأمم المتحدة - القاضي بتمديد مهلة بعثة الامم المتحدة بالصحراء الغربية  "المينورسو" لفترة 6 أشهرأخرى , ودعوة الطرفين إلى مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة - بكثير من الألم وخيبت الأمل و الحسرة على سوء طالعهم , وذلك بعد صبر كاد يطول, وهذا ما لمسناه بعد ساعات قليلة من صدور القرار , إذ حرصنا على ضرورة معرفة ردود فعل عدة أشخاص , وقد بادرنا السيد مولود الدخيل - تاجر حر - بسؤال عن رأيه في القرار فقال :

((لن تصدقني إن قلت لك إنني لم أكن انتظر الكثير من مجلس الامن فتجربتنا معه طويلة لكن بلا فائدة ))

بينما تقول منة محمد صالح - طالبة - :

((كل ما كنت أخشاه هو أن يتجاهل مجلس الامن مبادرة البوليساريو لحل المسألة وأن يفرض علينا حل لانريده وهذا ما لم يحصل والحمد لله ))

وبعد صدور القرار المنتظر إنتاب ساكنة المخيمات حالة من الراحة والسكون بعد أن حبسوا  أنفاسهم لفترة من زمن خوفا من هضم حقوقهم التي يصرون على التمسك بها وعلى رأسها مبدأ تقرير المصير 

 الشعب الصحراوي ..والامم المتحدة :

يعود إهتمام الامم المتحدة بمسألة الصحراء الغربية إلى مطلع الستينات وخاصة في 1964 وهي السنة التي شرعت فيها لجنة تصفية الاستعمار التابعة للجمعية العامة في دراسة تطبيق القرار رقم 1415,

وفي 18/12/1974طلبت الامم المتحدة  بناءا على طلب للمغرب وموريتانيا من محكمة العدل الدولية رأيها الاستشاري حول هذه المستعمرة .

 لكن في 14 /11/1974 أبرمت إسبانيا  - المستعمر السابق - والمغرب وموريتانيا إتفاقية مدريد الثلاثية ونصت على : تقسيم الاقليم بين المملكة المغربية وموريتانيا ومنذ ذلك الحين بقيت الصحراء الغربية تحت السيطرة  المغربية

ليدخل الطرفين في مواجهات عسكرية دامت أكثر من 18 سنة , لكن بعد نهاية الحرب الباردة وسقوط  الاتحاد السوفياتي وبروز بوادر النظام العالمي الجديد بقيادة أمريكا أصبح من الضروري الحد من بؤر النزاعات لذلك سعت الامم المتحدة والاتحاد الافريقي

إلى فرض منطق السلام في الصحراء الغربية , ليتوصل الطرفين الصحراوي والمغربي برعاية الامم المتحدة إلى إتفاق يقتضي بوقف إطلاق النار والذي دخل حيز التنفيذ إبتدءا من    06/09/1991 , ومنذ ذلك الحين

بدأت الجهود تتجسد وقد كانت البداية بإرسال بعثة الامم المتحدة إلى الصحراء الغربية المعروفة بإسم  "المينورسو" وذلك في أفريل 1991 لمراقبة وقف إطلاق النار والإشراف على تطبيق الاستفتاء, وكانت البداية بتشكيل لجنة تحديد الهوية - هوية من يحق لهم المشاركة في الاستفتاء - وتمثلت مهمتها أساسا في مراجعة وضبط اللوائح طبقا للإحصاء الاسباني - الخاص بالسكان الصحراوين المسجلين لدى الحكومة الاسبانية إبان إحتلالها للصحراء الغربية -

لكم رغم كل تلك الجهود إلا أن مخطط السلام الاممي لم يأخذ مجراه الطبيعي نتيجة للعراقيل التي واجهة عمل الهيئة الاممية والمتمثلة في 130 ألف طعن تقدمت بها المملكة المغربية , ومن هنا وجدت الامم المتحدة نفسها عاجزة عن فرض حل يحترم حق الشعب الشعب الصحراوي في تقرير المصير والذي كان يتمثل في الاستفتاء وهوالحل الذي وافق عليه الطرفان المغرب والبوليساريو

بقي مخطط السلام منذ التسعينات حبيس الجمود إلى حين تعيين جيمس بيكر كمبعوث خاص للآمين العام للأمم المتحدة في الصحراء الغربية ليعطي بيكر دفعا جديدا لمخطط السلام وقد حاول حل هذا النزاع من خلال تطبيقه لسياسة لاغالب ولامغلوب والذي كان من نتائج تطبيقها ظهور الحلول التي إقترحها جيمس بيكر " الاتفاق الاطار  و مخطط بيكر " وقد حاول بيكر من خلال هاته الحلول أن يوفقبين رؤية الطرفين للنزاع  ليقترح تطبيق الحكم الذاتي لمدة 5 سنوات ثم يتم تطبيق الاستفتاء مع قبول  130.000 طعن التي قدمه المغرب بالإضافة إلى كل المقيمين في الصحراء الغربيةمنذ 30/ 09/ 1999 , في البداية رفضت كلن من البوليساريو والمغرب هذا المقترح مع إختلاف أسباب الرفض  فالمملكة المغربية ترفض فكرة الاستفتاء والبوليساريو ترى أنه لايحترم الشرعية الدولية ويعطي للمغرب صلاحيات أكثر من الدولة الصحراوية .

ماذا بعد الجمود .. المبادرة ..أو المناورة ..؟

 بعد فترة وجيزة ومن اجل إنهاء النزاع أقدمت البوليساريو على خطوة مفاجئة وأعلنت قبولها لمقترح جيمس بيكر وأطلقت صراح أخر الاسرى المغاربة الذين كانوا بحوزتها والمقدر عددهم ب 404 أسيربالإضافة إلى تدمير مخزونها من الالغام المضادة للأفراد , ومع ذلك بقي الحال على ماهو عليه مما يعني عجز الهيئة الاممية عن إيجاد وفرض حل نهائي , وهذا ما فتح المجال أمام المملكة المغربية وجبهة البوليساريو- الممثلة للشعب الصحراوي -  ليقدم كلن منهم مقترح يقدم من خلاله رؤيته الخاصة لحل النزاع , لهذه الاسباب وغيرها رأينا وجود إنقسام وإختلاف كبيرين بين أعضاء مجلس الامن , ومن هنا يمكن فهم الاسباب الكامنة وراء تكرار قرار التأجيل الذي ظل مصاحب لكل القرارات الصادرة عن مجلس الامن منذ 1991 وإلى يومنا هذا .

* إلى متى هذا الانتظار.. ولماذا الاجحاف والتماطل ؟

سؤال طالما تكررعلى لسان الكثير من الصحراوين لاسيما أن مجمل القرارات الاممية التي تقول  بتمديد مهمة بعثة المينورسو تمدد في نفس الوقت من معانات الشعب الصحراوي الذي ظل  يعيش على مدار 33 سنة  مقسم إلى جزئين جزء في المناطق المحتلة وجزء يعيش في الصحراء الجزائرية ( تندوف )  - وهم اللاجئين الصحراوين المحرومين من التمتع بالحرية والاستقلال بسبب الاستعمار -

ويبدوا مما سبق أن كل شيئ سيبقى على حاله ( معانات وتنكيل من جهة وتماطل وتمديد من جهة أخرى ) إلى أن تجد هذه القضية حل جدي يلقى قبول الاطراف المعنية .

** الساقية صحيفة الكترونية مستقلة   **

** المدير العام رئيس التحرير : ميشان سيدي سالم أعلاتي **

    M_FICHAL@YAHOO.FR      

ملاحظة مهمة : الرجاء من الزوار الكرام إعلامنا بكل الاخطاء الواردة في الموقع و ذلك من خلال الاتصال بنا عن طريق البريد الالكتروني .. وشكرا    ***   ملاحظة مهمة : الرجاء من الزوار الكرام إعلامنا بكل الاخطاء الواردة في الموقع و ذلك من خلال الاتصال بنا عن طريق البريد الالكتروني .. وشكرا    ***  ملاحظة مهمة : الرجاء من الزوار الكرام إعلامنا بكل الاخطاء الواردة في الموقع و ذلك من خلال الاتصال بنا عن طريق البريد الالكتروني .. وشكرا