وأمرهم مؤتمر بينهم

بقلم : ميشان سيدي سالم أعلاتي

نشر هذا المقال في مجلة المستقبل الصحراوي

 

       يأتي انعقاد المؤتمر الحادي عشر للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب في ظروف صعبة وعسيرة إن لم تكن حاسمة وخطيرة وذلك على مختلف الأصعدة الوطنية منها والعالمية...فالمؤتمر الحادي عشر يأتي بعد انتهاء حرب الو.م.أ على طالبان والقاعدة ويأتي بعد أن وضعت حرب الخليج اوزارها معلنة عن نهايتها ليعقبها ما عقبها من تداعيات.

وتبعات المقاومة وتذمر الانتصارات المزعومة لواشنطن في العراق هذا بالإضافة إلى كونه أي المؤتمر يكون قد أتى بعد أن تم تأجيله ويأتي  انعقاده بعد صدور   المقترح الأممي الذي سرقت له الولايات المتحدة بأشهر قليلة والذي عبرت جبهة البوليساريو في وقت سابق عن رغبتها في مناقشته والخوض في محتواه ردا على ذلك النكسات الداخلية التي تسبب فيها بعض المتعسفين، وكذا الصخب الإعلامي الذي خلفته الذكرى الثلاثين لاندلاع  الكفاح المسلح وفي صلب كل هذه الأحداث والتطورات يبقى الشعب الصحراوي  المقلوب على امره يعلق أمال كبيرة وعريضة على النتائج التي سيخرج بها المؤتمر الحادي عشر غير أن السؤال الذي يطرح نفسه وإلحاح هو:

هل سيكون المؤتمر  الحادي   عشر في مستوى تطلعات الشعب الصحراوي؟ فهل سيكون كذلك ...الله أعلم... لكن كل الظروف والأجواء مؤاتية ومميأة للإجراء مؤتمر نزيه وناجح ليكون  وساما شرفي على صدر الدولة الصحراوية ويكون أيضا  في مستوى تطلعاتنا نحن الصحراويين.

إلا انه ومن الممكن جدا أن يكون مؤتمر  ناقص ومنقوص وذلك لعدة أسباب فإذا ما استمر غيرنا في تغيب الكفاءات القادرة على المساهمة الفعالة في الإنجاح مثل هذه الأحداث وكذا تغيب الكفاءات القادرة على ممارسة العمل السياسي الجاد عن مثل هذه المناسبات .. فإن ذلك سيخلق سببا للنقص والإخفاق.

مما سيولد لدينا حالة من عدم المبالاة-المعتادة- وحالة من الشقاق بين السلطة (الرأس) والقاعدة الشعبية (الساس) لأن الشعب يعاني في هذه الآونة من ظاهرة غريبة تتمثل في نوع من التحرر الا مشروط أي التفكك الاجتماعي والثقافي والسياسي، وقد يكون المؤتمر القادم ناقصا إذا لم نضع في الحسبان ما مضى إذا أصبح الواجب أن نستفيد من الماضي بكل تجلياته لأن مجتمع لا يأخذ العبرة من تاريخه ولا  يتعلم من ماضيه ولا يحتاط لحاضره  ولا يفكر  في مستقبله هو حقا مجتمع فاشل.

وقد يسال بعضكم أعزائي القراء عن سبب كل هذا التشاؤم؟

وهذا سؤال منطقي ومقبول. لكن الرد  هو أن ما يجعلنا ننظر نظرة يائسة إلى مثل هذه المناسبات هو غياب ردة الفعل تجاه تعدد العقبات وكثرة التحديات ونعني بردة الفعل هنا الاستجابة  كما يقول علماء النفس وذلك لإحداث التغيير المنشود للتغلب على الروتين والاستعداد للمواجهة التي بإمكانها تحويل المأساة إلى نصر.

وما يعزز قولي  هذا هو أن هناك معتوهون سياسيا يفكرون ويأملون في حل مشاكلنا العالة بنفس عقلية قطاع الطرق القدامى لا الجدد- لأن هناك اختلاف ما بين الاثنين في المنهج والاسلوب- فعندنا على سبيل المثال لا الحصر، اناس كثر يقعون في النقيض دون أن يعلم لان منهم من لا يزال يتشدق بأيديولوجيات مثالية يعلم أصحابها أكثر من غيرهم أنها بالية وغير واقعية بالمرة وقد أثبت التاريخ-الذي برشم ولا يرحم، كما قال القدامى- مدى فشلها وضعفها وعدم فاعليتها في ما مضى من مسيرتنا النضالية والتي لا يستهان بها، وهناك ايضا من يحتمي ويستر بماضي استقر في جوف التاريخ لتختفي من حوله كل وقائع الحاضر مما يوحي لنا بقرب إضحلال مقومات المستقبل... ليظهر للعيان انها صبيانية تحمل في طياتها الغموض والعجرفة السياسية أي الاستخفاف بالعقول او اشبه ما تكون باعملية "الضحك على ذقون" الشيء الذي من شأنه يعكر أجواء المؤتمر القادم.

إلا ان خطورة هذا المنحنى الذي اخذه التوجه السياسي العام لا ينحصر في مثل هذه الأفكار البزنطية ولا هذه العقول والذهنيات بل يتعداها إلى أشياء أخرى تعذر المقام عن ذكرها، ولعلك عزيزي القارئ أعلم مني في ذلك.

فالحقيقة كل الحقيقة أن هناك حقائق قاسية يستعصى على اين كان أن يخفيها مهما فعل الدياليكتية عند هيكل والتي تعني أن الفكرة تحمل في باطنها ما يناقضها.

لذا فإن من يظن أن المسألة الأنية بسيطة وغير  مكلفة ولا تحتاج إلى مثل هذا الغط والعويل، فهو مخطئ في ظنه واعتقاده لأن المناسبة تطرح من جديد مشكلة التسير المتعفن ومشكلة الشرعية الهشة والسياسة الداخلية بكل أبعادها وحدتها وتطرح أيضا حتمية وضرورة تعميق الديمقراطية بمفهومها ومعناها الحقيقي لا الشكلي ومنها وجود حرية التعبير وجعلها حقيقة على ارض الواقع وترسيخ ثقافة  الرأي والرأي الأخر وكذا احترام المبدأ الذي ينص على ان السلطة والسيادة تستمد شرعيتها من الشعب..

غير أن شيء من ذلك لن يكون.. والله اعلم..

وما دام المقام حاضنا للحديث عن الضرورة والحتمية هناك موضوع لا بد من الإشارةإليه يحكم ما يتسم به من اهمية ولعل المؤتمر الحادي عشر يعكف على دراسته والخوض في محتواه ويتمثل الأمر في حتمية وضرورة التغير في كافة مستويات الهياكل الإدارية للمؤسسات الصحراوية إذا أصبح من المستحيل ومن غير المنطقي اليوم والواقع أصدق دليل، تحقيق وانجاز  الأهداف المرجوة والتي اقرتها ثورة العشرين من ماي بأجهزة وهياكل إدارية وبرامج سياسية اكل الدهر عليها وشرب.

وبقي ان نذكر من يهمهم الأمر أن الصدق والأمانة مع النفس ومع الآخرين تستدعي أول تستدعي مصارحة الذات والناس مصارحة تامة بحقيقة الإنسان وحقيقة أهدافه وسياسته وحقيقة تصوراته بالنسبة للراهن والمستقبل فقد تكون هذه الحقائق فرصة ومناسبة مؤاتية  للمشاركين في المؤتمر

المحفوظين بالمفهوم العامي للكلمة- ليتحشدو من خلفهم وحتى عن لم يحدث ذلك فيكفيكم انهم كانوا صادقين مع أنفسهم ومع الجماهير التي يقدمون امامها.

ختما وبعيدا عن الصخب السياسي للمؤتمر وما قد يشو به من نقائص يبى ما يهمنا نحن الصحراويين وأما نأمل إليه ويأمل إليه الكثيرون هو ان يسعى هذا المؤتمر ومن خلال ما ينبثق عنه من نتائج إلى ديناميكية القضية الوطنية لتكون في مستوى التطلع العالمي مما يعني أعطائها صبغة عالية وعالمية  في ظل كل المعطيات الحالية والتي تنتقي بعض معالمها من صبغتها الأممية واملنا أن يكون هذا المؤتمر مناسبة وبداية حقيقية لتكريس مسرة الديمقراطية ليكون الحدث خطوة أولى على الطريق الصحيح.

فهل يا يترى يكون المؤتمر الحادي عشر كذلك؟ لله أعلم... غلا أن ما يمكن قوله هو ان الإجابة عن هذا السؤال لا يحتاج في واقع الأمر إلى عبقرية أو إلى  نباغة بقدر ما تحتاج إلى شيء من الصبر والتريث لأن الإجابة  ستأتي   في غضون الأيام القليلة القادمة

** الساقية صحيفة الكترونية مستقلة   **

** المدير العام رئيس التحرير : ميشان سيدي سالم أعلاتي **

    M_FICHAL@YAHOO.FR      

ملاحظة مهمة : الرجاء من الزوار الكرام إعلامنا بكل الاخطاء الواردة في الموقع و ذلك من خلال الاتصال بنا عن طريق البريد الالكتروني .. وشكرا    ***   ملاحظة مهمة : الرجاء من الزوار الكرام إعلامنا بكل الاخطاء الواردة في الموقع و ذلك من خلال الاتصال بنا عن طريق البريد الالكتروني .. وشكرا    ***  ملاحظة مهمة : الرجاء من الزوار الكرام إعلامنا بكل الاخطاء الواردة في الموقع و ذلك من خلال الاتصال بنا عن طريق البريد الالكتروني .. وشكرا